الحديث الحسن
صفحة 1 من اصل 1
الحديث الحسن
الحديث الحسن: وسطٌ بين الصحيح والضعيف، قال ابن القطّان في " بيان الوهم والإيهام " (1118): (( الحسن معناه الذي له حال بين حالي الصحيح والضعيف ))
وبنحوه قال عقيب ( 1173 ) . وقال عقيب ( 1432 ) : (( ونعني بالحسن : ما له
من الحديث منْزلة بين منْزلتي الصحيح والضعيف ، ويكون الحديث حسناً هكذا ؛
إما بأن يكون أحد رواته مختلفاً فيه ، وثقّه قوم وضعّفه آخرون ، ولا يكون
ما
ضعّف
به جرحاً مفسراً ، فإنّه إن كان مفسراً قدّم على توثيق من وثّقه ، فصار به
الحديث ضعيفاً )) ؛ ولما كان كذلك عَسُر على أهل العلم تعريفه .
قال الحافظ ابن كثير : (( وذلك لأنّه أمر نسبيٌ ، شيءٌ ينقدح عند الحافظ ، ربّما تقصر عبارته عنه )) (اختصار علوم الحديث : 37) .
وقال ابن دقيق العيد : (( وفي تحرير معناه اضطرابٌ )) . ( الاقتراح : 162 ) .
وذلك
لأنّه من أدق علوم الحديث وأصعبها ؛ لأنّ مداره على من اخُتلف فيه ، وَمَن
وهم في بعض ما يروي . فلا يتمكن كل ناقدٍ من التوفيق بين أقوال المتقدّمين
أو ترجيح قولٍ على قولٍ إلا من رزقه الله علماً واسعاً بأحوال وقواعد هذا
الفن ومعرفةٍ قوية بعلم الجرح والتعديل ، وأمعن في النظر في كتب العلل ،
ومارس النقد والتخريج والتعليل عمراً طويلاً ، ومارس كتب الجهابذة النقاد
حتى اختلط بلحمه ودمه ، وعرف المتشددين والمتساهلين من المتكلمين في الرجال
، ومن هم وسطٌ في ذلك ؛ كي لا يقع فيما لا تحمد عقباه ؛ ولذلك قال الحافظ
الذهبي : (( ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدةً تندرج كل
الأحاديث الحسان فيها ؛ فأنا على إياسٍ من ذلك ، فكم من حديثٍ تردد فيه
الحفاظ هل هو حسنٌ أو ضعيفٌ أو صحيحٌ ؟ )) .
( الموقظة : 28 ) .
وللحافظ ابن حجر محاولةٌ جيّدةٌ في وضعه تحت قاعدة كليةٍ فقد قال في النخبة : (( وخبر الآحاد بنقل عدلٍ تامّ الضبط ، متصل السند غير معللٍ ولا شاذٍ : هو الصحيح لذاته … فإن خفّ الضبط ، فالحسن لذاته )) . ( النخبة 29 ، 34 ) .
وهي
محاولةٌ جيدةٌ . وقد مشى أهل المصطلح على هذا من بعده . وحدّوا الحسن
لذاته : بأنه ما اتصل سنده بنقل عدلٍ خف ضبطه من غير شذوذٍ ولا علةٍ )) .
وشرط الحسن لذاته نفس شرط الصحيح ، إلا أنّ راوي الصحيح تامّ الضبط ، وراوي
الحسن لذاته خفيف الضبط . وسمّي حسناً لذاته ؛ لأنّ حسنه ناشئ عن توافر
شروط خاصّة فيه ، لا نتيجة شيء خارج عنه.
وقد
تبين لنا : أنَّ راوي الحسن لذاته هو الراوي الوسط الذي روى جملة من
الأحاديث ، فأخطأ في بعض ما روى ، وتوبع على أكثر ما رواه ؛ فراوي الحسن :
الأصل في روايته المتابعة والمخالفة ، وهو الذي يطلق عليه الصدوق ، لأنّ
الصدوق هو الذي يهم بعض الشيء فنـزل من رتبة الثقة إلى رتبة الصدوق . فما
أخطأ فيه وخولف فيه فهو من ضعيف حديثه ، وما توبع عليه ووافقه من هو
بمرتبته أو أعلى فهو من صحيح حديثه . أما التي لم نجد لها متابعة ولا
شاهداً فهي التي تسمّى بـ ( الحسان ) ؛ لأنّا لا ندري أأخطأ فيها أم حفظها
لعدم وجود المتابع والمخالف ؟
وقد
احتفظنا بهذه الأحاديث التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً وسمّيناها
حساناً ؛ لحسن ظننا بالرواة ؛ ولأنّ الأصل في رواية الراوي عدم الخطأ ،
والخطأ طارئٌ ؛ ولأنّ الصدوق هو الذي أكثر ما يرويه مما يتابع عليه .
فجعلنا ما تفرد به من ضمن ما لم يخطأ فيه تجوزاً ؛ لأنَّ ذلك هو غالب حديثه
، ولاحتياجنا إليه في الفقه . وبمعنى هذا قول الخطّابي : (( … وهو الذي
يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء )) .
ولا
بأس أن نحد ذلك بنسبة مئوية فكأنّ راوي الحسن من روى – مثلاً لا حصراً –
مائتي حديث ، فأخطأ في عشرين حديثاً وتوبع في ثمانين . فالعشرون التي أخطأ
فيها من ضعيف حديثه . والثمانون التي توبع عليها من صحيح حديثه . أما
المائة الأخرى وهي التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً فهي من قبيل (
الحسن ) . ومن حاله كهذا : عاصم بن أبي النجود ، فقد روى جملة كثيرة من
الأحاديث فأخطأ في بعض وتوبع على الأكثر فما وجدنا له به متابعاً فهو صحيح ،
وما وجدنا له به مخالفاً أوثق منه عدداً أو حفظاً فهو من ضعيف حديثه. وما
لم نجد له متابعاً ولا مخالفاً فهو (حسن). وممن حاله كحال عاصم : (( عبيدة
بن حميد الكوفي ، وسليمان بن عتبة وأيوب ابن هانئ ، وداود بن بكر بن أبي
الفرات ، ومحمد بن عمرو بن علقمة، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب،
ويونس بن أبي إسحاق ، وسماك بن حرب)).
وهذا
الرأي وإن كان بنحو ما انتهى إليه الحافظ ابن حجر العسقلاني إلا أننا لم
نجد من فصّله هكذا . وهو جدير بالقبول والتداول بين أهل العلم . وقد يتساءل
إنسانٌ بأن من قيل فيهم : صدوق أو حسن الحديث قد اختلف المتقدمون في الحكم
عليهم تجريحاً وتعديلاً . وجواب ذلك : أنّ الأئمة النقاد قد اطّلعوا على
ما أخطأ فيه الراوي وما توبع عليه فكأنَّ المُجَرِّح رأى أن ما خولف فيه
الراوي هو الغالب من حديثه ، والمُعَدِّل كذلك رأى أن ما توبع عليه هو غالب
حديثه فحكم كلٌّ بما رآه غالباً ، غير أنا نعلم أنَّ فيهم متشددين يغمز
الراوي بالجرح وإن كان خطؤه قليلاً ، ومنهم متساهلين لا يبالي بكثرة الخطأ ،
وعند ذلك يؤخذ بقول المتوسطين المعتدلين .
ولذا
نجد الحافظ ابن عدي في الكامل ، والإمام الذهبي في الميزان يسوقان أحياناً
ما أنكر على الراوي الوسط ثم يحكمان بحسن رواياته الأخرى ، والله أعلم .
وعلى
هذا فالحديث الحسن : ما رواه عدل خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه ولم يكن
شاذاً ولا معلاً . وهذا هو الحسن لذاته . وهو يستوفي نفس شروط الصحيح خلا
الضبط فراوي الصحيح تام الضبط وراوي الحسن خفيف الضبط .
أما الحسن لغيره : فهو الحديث الضعيف الذي تقوى بمتابعة أو شاهد .
مثال الحسن لذاته : حديث محمد بن عمرو السابق ، لو لم يتابع لكان سند الحديث حسناً لذاته فلما توبع ارتقى إلى الصحيح لغيره .
ومثاله
أيضاً ما رواه الترمذي في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم ( 237 ) ، قال :
حدثنا عباس بن محمد الدُّوري ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، قال :
أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن سعيد المَقْبُري ، عن
أبي هريرة ، قال : قالوا : يا رسول الله ، إنك تداعبنا . قال : (( إني لا أقولُ إلا حقاً )) .
وهذا حديثٌ حسنٌ لذاته من أجل أسامة بن زيد الليثي فهو خفيف الضبط ، وهو صدوقٌ حسن الحديث .
أما
الحسن لغيره فمثاله : فمثاله ما رواه الترمذي في شمائل النبي صلى الله
عليه وسلم ( 247 ) قال : حدثنا علي بن حُجْر ، قال : حدثنا شَرِيك ، عن
سِماك بن حرب ، عن جابر بن سَمُرة ، قال : جالستُ النبيَّ صلى الله عليه
وسلم أكثر من مئة مرة وكان أصحابه يتناشدونَ الشِّعْرَ ويتذاكرون أشياءَ من
أمر الجاهلية ، وهو ساكتٌ وربما تَبَسَّمَ معهم .
فهذا
حديثٌ حسنٌ لغيره ؛ فإن شريك بن عبد الله ضعيفٌ عند التفرد بسبب سوء حفظه ،
لكن تابعه في هذا الحديث زهير أبو خيثمة فارتقى حديثه هذا من حيز الضعف
إلى درجة الحسن
مظان الحديث الحسن :
كثيرٌ
من كتب الحديث هي مظان الحديث الحسن ، ومنها : سنن أبي داود وجامع الترمذي
، وقد أكثر الترمذي من ذكره ، وقد ظن بعضهم أنَّ كل حديثٍ سكت عنه أبو
داود فهو حديثٌ حسن أو صحيح ، وهذا خطأ وقد اعتمدوا في ذلك على ما نسبه
بعضهم لأبي داود : (( وما سكت عنه فهو حسن )) وهذا لم يصح عن أبي داود إنما قال أبو داود : (( ذكرتُ
في كتابي هذا الصحيح وما يشابهه وما يقاربه وما كان في كتابي من حديثٍ فيه
وهنٌ شديدٌ فقد بينته ، وما لم أذكر فيه شيئاً فهوصالح )) وكلمة
صالح تشمل صلاحية الاحتجاج وصلاحية الاعتبار ، ويستفاد من قوله : (( وهن
شديد )) أن ما كان وهناً يسيراً لا يبينه ، ثم إنه يضعف راوياً فإذا تكرر
في حديثٍ آخر يسكت عنه لسبقه الكلام عنه ، ثم إنَّ روايات السنن مختلفة وفي
بعضها من الكلام على الأحاديث والرواة ما لا يوجد في الأخرى ، وأبو عبيد
الآجري في سؤالاته ينقل تضعيف أبي داود لبعض الأحاديث، وهو قد سكت عنها في
السنن .
وبنحوه قال عقيب ( 1173 ) . وقال عقيب ( 1432 ) : (( ونعني بالحسن : ما له
من الحديث منْزلة بين منْزلتي الصحيح والضعيف ، ويكون الحديث حسناً هكذا ؛
إما بأن يكون أحد رواته مختلفاً فيه ، وثقّه قوم وضعّفه آخرون ، ولا يكون
ما
ضعّف
به جرحاً مفسراً ، فإنّه إن كان مفسراً قدّم على توثيق من وثّقه ، فصار به
الحديث ضعيفاً )) ؛ ولما كان كذلك عَسُر على أهل العلم تعريفه .
قال الحافظ ابن كثير : (( وذلك لأنّه أمر نسبيٌ ، شيءٌ ينقدح عند الحافظ ، ربّما تقصر عبارته عنه )) (اختصار علوم الحديث : 37) .
وقال ابن دقيق العيد : (( وفي تحرير معناه اضطرابٌ )) . ( الاقتراح : 162 ) .
وذلك
لأنّه من أدق علوم الحديث وأصعبها ؛ لأنّ مداره على من اخُتلف فيه ، وَمَن
وهم في بعض ما يروي . فلا يتمكن كل ناقدٍ من التوفيق بين أقوال المتقدّمين
أو ترجيح قولٍ على قولٍ إلا من رزقه الله علماً واسعاً بأحوال وقواعد هذا
الفن ومعرفةٍ قوية بعلم الجرح والتعديل ، وأمعن في النظر في كتب العلل ،
ومارس النقد والتخريج والتعليل عمراً طويلاً ، ومارس كتب الجهابذة النقاد
حتى اختلط بلحمه ودمه ، وعرف المتشددين والمتساهلين من المتكلمين في الرجال
، ومن هم وسطٌ في ذلك ؛ كي لا يقع فيما لا تحمد عقباه ؛ ولذلك قال الحافظ
الذهبي : (( ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدةً تندرج كل
الأحاديث الحسان فيها ؛ فأنا على إياسٍ من ذلك ، فكم من حديثٍ تردد فيه
الحفاظ هل هو حسنٌ أو ضعيفٌ أو صحيحٌ ؟ )) .
( الموقظة : 28 ) .
وللحافظ ابن حجر محاولةٌ جيّدةٌ في وضعه تحت قاعدة كليةٍ فقد قال في النخبة : (( وخبر الآحاد بنقل عدلٍ تامّ الضبط ، متصل السند غير معللٍ ولا شاذٍ : هو الصحيح لذاته … فإن خفّ الضبط ، فالحسن لذاته )) . ( النخبة 29 ، 34 ) .
وهي
محاولةٌ جيدةٌ . وقد مشى أهل المصطلح على هذا من بعده . وحدّوا الحسن
لذاته : بأنه ما اتصل سنده بنقل عدلٍ خف ضبطه من غير شذوذٍ ولا علةٍ )) .
وشرط الحسن لذاته نفس شرط الصحيح ، إلا أنّ راوي الصحيح تامّ الضبط ، وراوي
الحسن لذاته خفيف الضبط . وسمّي حسناً لذاته ؛ لأنّ حسنه ناشئ عن توافر
شروط خاصّة فيه ، لا نتيجة شيء خارج عنه.
وقد
تبين لنا : أنَّ راوي الحسن لذاته هو الراوي الوسط الذي روى جملة من
الأحاديث ، فأخطأ في بعض ما روى ، وتوبع على أكثر ما رواه ؛ فراوي الحسن :
الأصل في روايته المتابعة والمخالفة ، وهو الذي يطلق عليه الصدوق ، لأنّ
الصدوق هو الذي يهم بعض الشيء فنـزل من رتبة الثقة إلى رتبة الصدوق . فما
أخطأ فيه وخولف فيه فهو من ضعيف حديثه ، وما توبع عليه ووافقه من هو
بمرتبته أو أعلى فهو من صحيح حديثه . أما التي لم نجد لها متابعة ولا
شاهداً فهي التي تسمّى بـ ( الحسان ) ؛ لأنّا لا ندري أأخطأ فيها أم حفظها
لعدم وجود المتابع والمخالف ؟
وقد
احتفظنا بهذه الأحاديث التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً وسمّيناها
حساناً ؛ لحسن ظننا بالرواة ؛ ولأنّ الأصل في رواية الراوي عدم الخطأ ،
والخطأ طارئٌ ؛ ولأنّ الصدوق هو الذي أكثر ما يرويه مما يتابع عليه .
فجعلنا ما تفرد به من ضمن ما لم يخطأ فيه تجوزاً ؛ لأنَّ ذلك هو غالب حديثه
، ولاحتياجنا إليه في الفقه . وبمعنى هذا قول الخطّابي : (( … وهو الذي
يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء )) .
ولا
بأس أن نحد ذلك بنسبة مئوية فكأنّ راوي الحسن من روى – مثلاً لا حصراً –
مائتي حديث ، فأخطأ في عشرين حديثاً وتوبع في ثمانين . فالعشرون التي أخطأ
فيها من ضعيف حديثه . والثمانون التي توبع عليها من صحيح حديثه . أما
المائة الأخرى وهي التي لم نجد لها متابعاً ولا مخالفاً فهي من قبيل (
الحسن ) . ومن حاله كهذا : عاصم بن أبي النجود ، فقد روى جملة كثيرة من
الأحاديث فأخطأ في بعض وتوبع على الأكثر فما وجدنا له به متابعاً فهو صحيح ،
وما وجدنا له به مخالفاً أوثق منه عدداً أو حفظاً فهو من ضعيف حديثه. وما
لم نجد له متابعاً ولا مخالفاً فهو (حسن). وممن حاله كحال عاصم : (( عبيدة
بن حميد الكوفي ، وسليمان بن عتبة وأيوب ابن هانئ ، وداود بن بكر بن أبي
الفرات ، ومحمد بن عمرو بن علقمة، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب،
ويونس بن أبي إسحاق ، وسماك بن حرب)).
وهذا
الرأي وإن كان بنحو ما انتهى إليه الحافظ ابن حجر العسقلاني إلا أننا لم
نجد من فصّله هكذا . وهو جدير بالقبول والتداول بين أهل العلم . وقد يتساءل
إنسانٌ بأن من قيل فيهم : صدوق أو حسن الحديث قد اختلف المتقدمون في الحكم
عليهم تجريحاً وتعديلاً . وجواب ذلك : أنّ الأئمة النقاد قد اطّلعوا على
ما أخطأ فيه الراوي وما توبع عليه فكأنَّ المُجَرِّح رأى أن ما خولف فيه
الراوي هو الغالب من حديثه ، والمُعَدِّل كذلك رأى أن ما توبع عليه هو غالب
حديثه فحكم كلٌّ بما رآه غالباً ، غير أنا نعلم أنَّ فيهم متشددين يغمز
الراوي بالجرح وإن كان خطؤه قليلاً ، ومنهم متساهلين لا يبالي بكثرة الخطأ ،
وعند ذلك يؤخذ بقول المتوسطين المعتدلين .
ولذا
نجد الحافظ ابن عدي في الكامل ، والإمام الذهبي في الميزان يسوقان أحياناً
ما أنكر على الراوي الوسط ثم يحكمان بحسن رواياته الأخرى ، والله أعلم .
وعلى
هذا فالحديث الحسن : ما رواه عدل خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه ولم يكن
شاذاً ولا معلاً . وهذا هو الحسن لذاته . وهو يستوفي نفس شروط الصحيح خلا
الضبط فراوي الصحيح تام الضبط وراوي الحسن خفيف الضبط .
أما الحسن لغيره : فهو الحديث الضعيف الذي تقوى بمتابعة أو شاهد .
مثال الحسن لذاته : حديث محمد بن عمرو السابق ، لو لم يتابع لكان سند الحديث حسناً لذاته فلما توبع ارتقى إلى الصحيح لغيره .
ومثاله
أيضاً ما رواه الترمذي في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم ( 237 ) ، قال :
حدثنا عباس بن محمد الدُّوري ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، قال :
أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن سعيد المَقْبُري ، عن
أبي هريرة ، قال : قالوا : يا رسول الله ، إنك تداعبنا . قال : (( إني لا أقولُ إلا حقاً )) .
وهذا حديثٌ حسنٌ لذاته من أجل أسامة بن زيد الليثي فهو خفيف الضبط ، وهو صدوقٌ حسن الحديث .
أما
الحسن لغيره فمثاله : فمثاله ما رواه الترمذي في شمائل النبي صلى الله
عليه وسلم ( 247 ) قال : حدثنا علي بن حُجْر ، قال : حدثنا شَرِيك ، عن
سِماك بن حرب ، عن جابر بن سَمُرة ، قال : جالستُ النبيَّ صلى الله عليه
وسلم أكثر من مئة مرة وكان أصحابه يتناشدونَ الشِّعْرَ ويتذاكرون أشياءَ من
أمر الجاهلية ، وهو ساكتٌ وربما تَبَسَّمَ معهم .
فهذا
حديثٌ حسنٌ لغيره ؛ فإن شريك بن عبد الله ضعيفٌ عند التفرد بسبب سوء حفظه ،
لكن تابعه في هذا الحديث زهير أبو خيثمة فارتقى حديثه هذا من حيز الضعف
إلى درجة الحسن
مظان الحديث الحسن :
كثيرٌ
من كتب الحديث هي مظان الحديث الحسن ، ومنها : سنن أبي داود وجامع الترمذي
، وقد أكثر الترمذي من ذكره ، وقد ظن بعضهم أنَّ كل حديثٍ سكت عنه أبو
داود فهو حديثٌ حسن أو صحيح ، وهذا خطأ وقد اعتمدوا في ذلك على ما نسبه
بعضهم لأبي داود : (( وما سكت عنه فهو حسن )) وهذا لم يصح عن أبي داود إنما قال أبو داود : (( ذكرتُ
في كتابي هذا الصحيح وما يشابهه وما يقاربه وما كان في كتابي من حديثٍ فيه
وهنٌ شديدٌ فقد بينته ، وما لم أذكر فيه شيئاً فهوصالح )) وكلمة
صالح تشمل صلاحية الاحتجاج وصلاحية الاعتبار ، ويستفاد من قوله : (( وهن
شديد )) أن ما كان وهناً يسيراً لا يبينه ، ثم إنه يضعف راوياً فإذا تكرر
في حديثٍ آخر يسكت عنه لسبقه الكلام عنه ، ثم إنَّ روايات السنن مختلفة وفي
بعضها من الكلام على الأحاديث والرواة ما لا يوجد في الأخرى ، وأبو عبيد
الآجري في سؤالاته ينقل تضعيف أبي داود لبعض الأحاديث، وهو قد سكت عنها في
السنن .
مواضيع مماثلة
» شرح الحديث القدســــــــــــــــي : "يؤذيني ابن آدم يسب الدهـــــــــــــر..."
» فضل الحديث النبوي الشريف
» صحة الإسناد لا يلزم منه صحة الحديث
» أنواع الحديث النبوي الشريف
» كتابة الحديث في العهد النبوي
» فضل الحديث النبوي الشريف
» صحة الإسناد لا يلزم منه صحة الحديث
» أنواع الحديث النبوي الشريف
» كتابة الحديث في العهد النبوي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى