ضرب النساء
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ضرب النساء
ضرب النساء
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :
(( مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلا امْرَأَةً وَلا خَادِمًا إِلا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))[1]
قا ل النووي : فِيهِ أَنَّ ضَرْبَ الزَّوْجَة وَالْخَادِم وَالدَّابَّة وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لِلأَدَبِ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ .[2]
عن عَبْد اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(( .. وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ : يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ))[3]
وعند البخاري قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( لا يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ ))[4]
قَوْله ( لا يَجْلِد أَحَدكُمْ ) كَذَا فِي نُسَخ الْبُخَارِيّ بِصِيغَةِ النَّهْي ، وجاء في روايات أخرى بِصِيغَةِ الْخَبَر وَلَيْسَ فِي أَوَّله صِيغَة النَّهْي " يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ"
وجاء في روايات أخرى بصيغة الاستنكار : " إِلامَ يَجْلِد " " عَلامَ يَجْلِد "
قَوْله ( جَلْد الْعَبْد ) وَفِي رِوَايَة أَحْمَد بْن سُفْيَان " جَلْد الْبَعِير أَوْ الْعَبْد "
وَفِي الْحَدِيث جَوَاز تَأْدِيب الرَّقِيق بِالضَّرْبِ الشَّدِيد , وَالإِيمَاء إِلَى جَوَاز ضَرْب النِّسَاء دُون ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّف بِقَوْلِهِ " غَيْر مُبَرِّح "
وَفِي سِيَاقه اِسْتِبْعَاد وُقُوع الأَمْرَيْنِ مِنْ الْعَاقِل : أَنْ يُبَالِغ فِي ضَرْب اِمْرَأَته ثُمَّ يُجَامِعهَا مِنْ بَقِيَّة يَوْمه أَوْ لَيْلَته , وَالْمُجَامَعَة أَوْ الْمُضَاجَعَة إِنَّمَا تُسْتَحْسَن مَعَ مَيْل النَّفْس وَالرَّغْبَة فِي الْعِشْرَة , وَالْمَجْلُود غَالِبًا يَنْفِر مِمَّنْ جَلَدَهُ , فَوَقَعَتْ الإِشَارَة إِلَى ذَمّ ذَلِكَ وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ وَلا بُدّ فَلْيَكُنْ التَّأْدِيب بِالضَّرْبِ الْيَسِير بِحَيْثُ لا يَحْصُل مِنْهُ النُّفُور التَّامّ فَلا يُفْرِط فِي الضَّرْب وَلا يُفْرِط فِي التَّأْدِيب
, قَالَ الْمُهَلَّب : بَيَّنَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ " جَلْد الْعَبْد " أَنَّ ضَرْبَ الرَّقِيق فَوْق ضَرْب الْحُرّ لِتَبَايُنِ حَالَتَيْهِمَا , وَلأَنَّ ضَرْب الْمَرْأَة إِنَّمَا أُبِيحَ مِنْ أَجْل عِصْيَانهَا زَوْجهَا فِيمَا يَجِب مِنْ حَقّه عَلَيْهَا ا هـ .
وَقَدْ جَاءَ النَّهْي عَنْ ضَرْب النِّسَاء مُطْلَقًا , فَعِنْد أَحْمَد وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث إِيَاس بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي ذُبَاب :
(( لا تَضْرِبُوا إِمَاء اللَّه " فَجَاءَ عُمَر فَقَالَ : قَدْ ذَئِرَ النِّسَاء عَلَى أَزْوَاجهنَّ , فَأَذِنَ لَهُمْ فَضَرَبُوهُنَّ , فَأَطَافَ بِآلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاء كَثِير فَقَالَ : لَقَدْ أَطَافَ بِآلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعُونَ اِمْرَأَة كُلّهنَّ يَشْكِينَ أَزْوَاجهنَّ , وَلا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَاركُمْ "
قَالَ الشَّافِعِيّ : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّهْي عَلَى الاخْتِيَار وَالإِذْن فِيهِ عَلَى الإِبَاحَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَبْل نُزُول الآيَة بِضَرْبِهِنَّ ثُمَّ أَذِنَ بَعْد نُزُولهَا فِيهِ .
وَفِي قَوْله " لَنْ يَضْرِب خِيَاركُمْ " دَلالَة عَلَى أَنَّ ضَرَبَهُنَّ مُبَاح فِي الْجُمْلَة , وَمَحَلّ ذَلِكَ أَنْ يَضْرِبهَا تَأْدِيبًا إِذَا رَأَى مِنْهَا مَا يَكْرَه فِيمَا يَجِب عَلَيْهَا فِيهِ طَاعَته , فَإِنْ اِكْتَفَى بِالتَّهْدِيدِ وَنَحْوه كَانَ أَفْضَل , وَمَهْمَا أَمْكَنَ الْوُصُول إِلَى الْغَرَض بِالإِيهَامِ لا يَعْدِل إِلَى الْفِعْل , لِمَا فِي وُقُوع ذَلِكَ مِنْ النَّفْرَة الْمُضَادَّة لِحُسْنِ الْمُعَاشَرَة الْمَطْلُوبَة فِي الزَّوْجِيَّة , إِلا إِذَا كَانَ فِي أَمْر يَتَعَلَّق بِمَعْصِيَةِ اللَّه .
وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عن عَائِشَة " مَا ضَرَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِمْرَأَة لَهُ وَلا خَادِمًا قَطُّ , وَلا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلا فِي سَبِيل اللَّه أَوْ تُنْتَهَك حُرُمَات اللَّه فَيَنْتَقِم لِلَّهِ " ا.هـ[5]
عن لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ قَالَ :
(( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا يَعْنِي الْبَذَاءَ ؟ قَالَ : فَطَلِّقْهَا إِذًا ، قَالَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَهَا صُحْبَةً وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ ، قَالَ : فَمُرْهَا ، يَقُولُ عِظْهَا ، فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَفْعَلْ ، وَلا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ ))[6]
النهي عن ضرب الوجه
وورد النهي عن ضرب الوجه ، والتقبيح والشتم كما في الحديث ((وَلا يَضْرِبْ الْوَجْهَ ، وَلا يُقَبِّحْ)) ويأتي بكامله .
عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( لا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ ))[7]
(لا تَضْرِبُوا إِمَاء اللَّه) جَمْع أَمَة أَيْ زَوْجَاتكُمْ فَإِنَّهُنَّ جِوَارِي اللَّه كَمَا أَنَّ الرِّجَال عَبِيد لَهُ تَعَالَى
(فَقَالَ ذَئِرْنَ النِّسَاء) أَيْ اِجْتَرَأْنَ وَنَشَزْنَ وَغَلَبْنَ
(فَأَطَافَ) أَيْ دَارَ ( بِآلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : أَيْ بِأَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَات
(يَشْكُونَ أَزْوَاجهنَّ) أَيْ مِنْ ضَرْبهمْ إِيَّاهُنَّ
(لَيْسَ أُولَئِكَ) أَيْ الرِّجَال الَّذِي يَضْرِبُونَ نِسَاءَهُمْ ضَرْبًا مُبَرِّحًا أَيْ مُطْلَقًا ( بِخِيَارِكُمْ ) : بَلْ خِيَاركُمْ مَنْ لا يَضْرِبهُنَّ وَيَتَحَمَّل عَنْهُنَّ أَوْ يُؤَدِّبهُنَّ , وَلا يَضْرِبهُنَّ ضَرْبًا شَدِيدًا يُؤَدِّي إِلَى شِكَايَتهنَّ
فِي شَرْح السُّنَّة : فِيهِ مِنْ الْفِقْه أَنَّ ضَرْب النِّسَاء فِي مَنْع حُقُوق النِّكَاح مُبَاح إِلا أَنَّهُ يَضْرِب ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح وَوَجْه تَرَتُّب السُّنَّة عَلَى الْكِتَاب فِي الضَّرْب يَحْتَمِل أَنَّ نَهْي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضَرْبهنَّ قَبْل نُزُول الآيَة , ثُمَّ لَمَّا ذَئِرْنَ النِّسَاء أَذِنَ فِي ضَرْبهنَّ وَنَزَلَ الْقُرْآن مُوَافِقًا لَهُ , ثُمَّ لَمَّا بَالَغُوا فِي الضَّرْب أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الضَّرْب وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا عَلَى شَكَاسَة أَخْلاقهنَّ , فَالتَّحَمُّل وَالصَّبْر عَلَى سُوء أَخْلاقهنَّ وَتَرْك الضَّرْب أَفْضَل وَأَجْمَل . وَيُحْكَى عَنْ الشَّافِعِيّ هَذَا الْمَعْنَى كَذَا فِي الْمِرْقَاة .[8]
[1] رواه البخاري في المناقب (3560) ، ومسلم في الفضائل باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام (4296) ، وابن ماجه في النكاح (1974) ، وأحمد (229006) ، ومالك في الجامع (1401) ، والارمي في النكاح (2121) .
[2] شرح مسلم .
[3] رواه البخاري في تفسير القرآن (4942) ، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها (5095) ، والترمذي في تفسير القرآن (3266) ، وابن ماجه في النكاح (1973) ، وأحمد (15629) ، والدارمي في النكاح (2123) .
[4] رواه البخاري في النكاح باب ما يكره من ضرب النساء (5204)
[5] فتح الباري .
[6] رواه أبو داود في الطهارة باب الاستنثار (123) ، وأحمد (17172) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
[7]رواه أبو داود في النكاح باب ضرب النساء (1834) ، وابن ماجه في النكاح (1975) ، والدارمي في النكاح (2122) ، والنسائي في الكبرى ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
[8] عون المعبود
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :
(( مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلا امْرَأَةً وَلا خَادِمًا إِلا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))[1]
قا ل النووي : فِيهِ أَنَّ ضَرْبَ الزَّوْجَة وَالْخَادِم وَالدَّابَّة وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لِلأَدَبِ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ .[2]
عن عَبْد اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(( .. وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ : يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ))[3]
وعند البخاري قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( لا يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ ))[4]
قَوْله ( لا يَجْلِد أَحَدكُمْ ) كَذَا فِي نُسَخ الْبُخَارِيّ بِصِيغَةِ النَّهْي ، وجاء في روايات أخرى بِصِيغَةِ الْخَبَر وَلَيْسَ فِي أَوَّله صِيغَة النَّهْي " يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ"
وجاء في روايات أخرى بصيغة الاستنكار : " إِلامَ يَجْلِد " " عَلامَ يَجْلِد "
قَوْله ( جَلْد الْعَبْد ) وَفِي رِوَايَة أَحْمَد بْن سُفْيَان " جَلْد الْبَعِير أَوْ الْعَبْد "
وَفِي الْحَدِيث جَوَاز تَأْدِيب الرَّقِيق بِالضَّرْبِ الشَّدِيد , وَالإِيمَاء إِلَى جَوَاز ضَرْب النِّسَاء دُون ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّف بِقَوْلِهِ " غَيْر مُبَرِّح "
وَفِي سِيَاقه اِسْتِبْعَاد وُقُوع الأَمْرَيْنِ مِنْ الْعَاقِل : أَنْ يُبَالِغ فِي ضَرْب اِمْرَأَته ثُمَّ يُجَامِعهَا مِنْ بَقِيَّة يَوْمه أَوْ لَيْلَته , وَالْمُجَامَعَة أَوْ الْمُضَاجَعَة إِنَّمَا تُسْتَحْسَن مَعَ مَيْل النَّفْس وَالرَّغْبَة فِي الْعِشْرَة , وَالْمَجْلُود غَالِبًا يَنْفِر مِمَّنْ جَلَدَهُ , فَوَقَعَتْ الإِشَارَة إِلَى ذَمّ ذَلِكَ وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ وَلا بُدّ فَلْيَكُنْ التَّأْدِيب بِالضَّرْبِ الْيَسِير بِحَيْثُ لا يَحْصُل مِنْهُ النُّفُور التَّامّ فَلا يُفْرِط فِي الضَّرْب وَلا يُفْرِط فِي التَّأْدِيب
, قَالَ الْمُهَلَّب : بَيَّنَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ " جَلْد الْعَبْد " أَنَّ ضَرْبَ الرَّقِيق فَوْق ضَرْب الْحُرّ لِتَبَايُنِ حَالَتَيْهِمَا , وَلأَنَّ ضَرْب الْمَرْأَة إِنَّمَا أُبِيحَ مِنْ أَجْل عِصْيَانهَا زَوْجهَا فِيمَا يَجِب مِنْ حَقّه عَلَيْهَا ا هـ .
وَقَدْ جَاءَ النَّهْي عَنْ ضَرْب النِّسَاء مُطْلَقًا , فَعِنْد أَحْمَد وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث إِيَاس بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي ذُبَاب :
(( لا تَضْرِبُوا إِمَاء اللَّه " فَجَاءَ عُمَر فَقَالَ : قَدْ ذَئِرَ النِّسَاء عَلَى أَزْوَاجهنَّ , فَأَذِنَ لَهُمْ فَضَرَبُوهُنَّ , فَأَطَافَ بِآلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاء كَثِير فَقَالَ : لَقَدْ أَطَافَ بِآلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعُونَ اِمْرَأَة كُلّهنَّ يَشْكِينَ أَزْوَاجهنَّ , وَلا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَاركُمْ "
قَالَ الشَّافِعِيّ : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّهْي عَلَى الاخْتِيَار وَالإِذْن فِيهِ عَلَى الإِبَاحَة , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَبْل نُزُول الآيَة بِضَرْبِهِنَّ ثُمَّ أَذِنَ بَعْد نُزُولهَا فِيهِ .
وَفِي قَوْله " لَنْ يَضْرِب خِيَاركُمْ " دَلالَة عَلَى أَنَّ ضَرَبَهُنَّ مُبَاح فِي الْجُمْلَة , وَمَحَلّ ذَلِكَ أَنْ يَضْرِبهَا تَأْدِيبًا إِذَا رَأَى مِنْهَا مَا يَكْرَه فِيمَا يَجِب عَلَيْهَا فِيهِ طَاعَته , فَإِنْ اِكْتَفَى بِالتَّهْدِيدِ وَنَحْوه كَانَ أَفْضَل , وَمَهْمَا أَمْكَنَ الْوُصُول إِلَى الْغَرَض بِالإِيهَامِ لا يَعْدِل إِلَى الْفِعْل , لِمَا فِي وُقُوع ذَلِكَ مِنْ النَّفْرَة الْمُضَادَّة لِحُسْنِ الْمُعَاشَرَة الْمَطْلُوبَة فِي الزَّوْجِيَّة , إِلا إِذَا كَانَ فِي أَمْر يَتَعَلَّق بِمَعْصِيَةِ اللَّه .
وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عن عَائِشَة " مَا ضَرَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِمْرَأَة لَهُ وَلا خَادِمًا قَطُّ , وَلا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلا فِي سَبِيل اللَّه أَوْ تُنْتَهَك حُرُمَات اللَّه فَيَنْتَقِم لِلَّهِ " ا.هـ[5]
عن لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ قَالَ :
(( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا يَعْنِي الْبَذَاءَ ؟ قَالَ : فَطَلِّقْهَا إِذًا ، قَالَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَهَا صُحْبَةً وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ ، قَالَ : فَمُرْهَا ، يَقُولُ عِظْهَا ، فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَفْعَلْ ، وَلا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ ))[6]
النهي عن ضرب الوجه
وورد النهي عن ضرب الوجه ، والتقبيح والشتم كما في الحديث ((وَلا يَضْرِبْ الْوَجْهَ ، وَلا يُقَبِّحْ)) ويأتي بكامله .
عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( لا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ ))[7]
(لا تَضْرِبُوا إِمَاء اللَّه) جَمْع أَمَة أَيْ زَوْجَاتكُمْ فَإِنَّهُنَّ جِوَارِي اللَّه كَمَا أَنَّ الرِّجَال عَبِيد لَهُ تَعَالَى
(فَقَالَ ذَئِرْنَ النِّسَاء) أَيْ اِجْتَرَأْنَ وَنَشَزْنَ وَغَلَبْنَ
(فَأَطَافَ) أَيْ دَارَ ( بِآلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : أَيْ بِأَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَات
(يَشْكُونَ أَزْوَاجهنَّ) أَيْ مِنْ ضَرْبهمْ إِيَّاهُنَّ
(لَيْسَ أُولَئِكَ) أَيْ الرِّجَال الَّذِي يَضْرِبُونَ نِسَاءَهُمْ ضَرْبًا مُبَرِّحًا أَيْ مُطْلَقًا ( بِخِيَارِكُمْ ) : بَلْ خِيَاركُمْ مَنْ لا يَضْرِبهُنَّ وَيَتَحَمَّل عَنْهُنَّ أَوْ يُؤَدِّبهُنَّ , وَلا يَضْرِبهُنَّ ضَرْبًا شَدِيدًا يُؤَدِّي إِلَى شِكَايَتهنَّ
فِي شَرْح السُّنَّة : فِيهِ مِنْ الْفِقْه أَنَّ ضَرْب النِّسَاء فِي مَنْع حُقُوق النِّكَاح مُبَاح إِلا أَنَّهُ يَضْرِب ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح وَوَجْه تَرَتُّب السُّنَّة عَلَى الْكِتَاب فِي الضَّرْب يَحْتَمِل أَنَّ نَهْي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضَرْبهنَّ قَبْل نُزُول الآيَة , ثُمَّ لَمَّا ذَئِرْنَ النِّسَاء أَذِنَ فِي ضَرْبهنَّ وَنَزَلَ الْقُرْآن مُوَافِقًا لَهُ , ثُمَّ لَمَّا بَالَغُوا فِي الضَّرْب أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الضَّرْب وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا عَلَى شَكَاسَة أَخْلاقهنَّ , فَالتَّحَمُّل وَالصَّبْر عَلَى سُوء أَخْلاقهنَّ وَتَرْك الضَّرْب أَفْضَل وَأَجْمَل . وَيُحْكَى عَنْ الشَّافِعِيّ هَذَا الْمَعْنَى كَذَا فِي الْمِرْقَاة .[8]
[1] رواه البخاري في المناقب (3560) ، ومسلم في الفضائل باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام (4296) ، وابن ماجه في النكاح (1974) ، وأحمد (229006) ، ومالك في الجامع (1401) ، والارمي في النكاح (2121) .
[2] شرح مسلم .
[3] رواه البخاري في تفسير القرآن (4942) ، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها (5095) ، والترمذي في تفسير القرآن (3266) ، وابن ماجه في النكاح (1973) ، وأحمد (15629) ، والدارمي في النكاح (2123) .
[4] رواه البخاري في النكاح باب ما يكره من ضرب النساء (5204)
[5] فتح الباري .
[6] رواه أبو داود في الطهارة باب الاستنثار (123) ، وأحمد (17172) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
[7]رواه أبو داود في النكاح باب ضرب النساء (1834) ، وابن ماجه في النكاح (1975) ، والدارمي في النكاح (2122) ، والنسائي في الكبرى ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
[8] عون المعبود
مواضيع مماثلة
» مصافحة النساء
» كيف يكسب الرجال حب النساء؟
» غرائب النساء المشاهير
» النساء وآلام الظهر
» ما معنى النساء ناقصات عقل و دين؟
» كيف يكسب الرجال حب النساء؟
» غرائب النساء المشاهير
» النساء وآلام الظهر
» ما معنى النساء ناقصات عقل و دين؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى