عِظاتٌ وعِبرٌ لجبابرة البشر
صفحة 1 من اصل 1
عِظاتٌ وعِبرٌ لجبابرة البشر
بسم الله الرحمن الرحيم
(عِظاتٌ وعِبرٌ لجبابرة البشر)
(عِظاتٌ وعِبرٌ لجبابرة البشر)
إن الذي يشاهد الجلسة الأولى من جلسات محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك يجد عبرًا كثيرة، وإن الحديث عنها ليس من باب الشماتة، فكل منا لا يأمن على نفسه الفتنة، والعياذ بالله، ولكن ذلك من باب الاعتبار والاتعاظ، فإن الله عز وجل مالك، الملك يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويُعز من يشاء ويُذل من يشاء، بيده الخير، فالواجب علينا أن نحقق العبودية الصادقة له وحده، فبقدر ما نحقق من العبودية بقدر ما يكون لنا الأمان والكفاية والوقاية، يقول تعالى: ]أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ] فهو وعْدٌ مُقَيَّدٌ بوصْف، كما يقول ابن القيم – رحمه الله-.
وقد أخرج ابن أبي الدنيا في "العقوبات" برقم (2) وأبو إسحاق الفزاري في "السير" برقم (108) وأبو نعيم في "الحلية" (1/216 – 217) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (47 / 186) بسند قوي إلى جبير بن نفير، أنه قال: لما فُتحت قُبرص فُرِّقَ بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، ورأيت أبا الدرداء جالسًا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ قال: "ويحك يا جبير، ما أهون الخَلْقَ على الله إذا هم تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر الله؛ فصاروا إلى ما ترى".
فنعوذ بالله أن نكون ممن تمر عليهم الآيات والعبر وهم سادرون في غفلتهم، ونكون ممن قال الله فيهم: ]وَمَا تُغْنِي الآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ] وعلى على حال فهذه عدّة عِبَر جاشت بها نفسي عندما شاهدت تلكم الجلسة:
1- لأول مرة يدخل مبارك قاعة رغم أنفه، وقد كان لا يدخل إلا حيث يختار.
2- لأول مرة يُحدِّد غيره له موعد الحضور والانصراف دون الرجوع إلى رغبته في ذلك، فالأمر في ذلك راجع إلى قرار هيئة المحكمة.
3- لأول مرة يدخل على جمهور الناس محمولاً على سرير طبي نقال، وقد كان ينزل من السيارات السوداء الفارهة، وكبار رجال الدولة يحيطون به، وتتابعه الأضواء حتى يُطل على الناس.
4- لأول مرة يلبس لُبْس السجن، وتنزع عنه البدلات التي تفصَّل عند فضل مصممي الأزياء في العالم.
5- لأول مرة منذ تولي الرئاسة لا يُفرش له البساط الأحمر ليمشي عليه، والناس في انتظاره.
6- لأول مرة يدخل ولا يلوِّح بيده أو يديه للجمهور.
7- لأول مرة لا يقوم الجمهور له، ولا تضج القاعة بأصوات التصفيق والهتافات.
8- لأول مرة يذرف دموع الأسى أمام الجماهير.
9- لأول مرة كان لا يحرص على ظهوره للكاميرات، وقد كان من قبل يتفنن في ظهوره أمامها على عدة أوضاع.
10- لأول مرة يحرص نجلاه على حجبه عن الكاميرات.
11 لأول مرة ينتظر مبارك دخول غيره عليه – أعني القاضي وهيئة المحكمة- وقد كان لا يدخل قاعة ولا حفلاً إلا بعد حضور الجميع، وبوجوده يبدأ الحفل، أي أنه كان يُنْتَظَر ولا يَنْتَظِر.
12- لأول مرة يقول للقاضي: نعم يا أفندم، أنا موجود، قالها عندما نادى القاضي اسمه ليتأكد من وجوده.
13- لأول مرة يقال: المتهم الأول محمد حسني السيد مبارك، ولا يقال: فخامة الرئيس ...الخ.
14- لأول مرة يُحال بينه وبين نجليه عدة أشهر، ولا يلتقي بهما في المحكمة إلا بعد غياب مُرٍّ على الجميع، وقد كان اللقاء أشد مرارة.
15- لأول مرة يجتمع معه وزير داخليته ومعاونوه، ولا يقدم له وزيره بروتوكولات التحية والإجلال، بل يكره بعضهم بعضًا، ويحاول كل منهم أن يلقي بالتهم على غيره، صدق الله: [الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا المُتَّقِينَ] {الزُّخرف:67} وقد رأينا هذا في الدنيا، فما ظنك بالآخرة لمن مات على ذلك؟ [وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى] {طه:127} ؟
16- لأول مرة يدخل هو ونجلاه ومن معهم على الناس بهيئة الذلة والإدانة.
17- لأول مرة يُسأل: أأنت فعلتَ كذا؟ ويجيب: أنا أنكر هذا تمامًا يا أفندم، ومن الذي كان يمكن أن يسأله قبل ذلك؟!
18- لأول مرة يذهب إلى مكتب المحامي بجميع أسرته ليحرر وكالة للمحامي، وقد كان وزراء العدل – فضلاً عن مجرد محامٍ- لو أمرهم أن يأتوا إلى قصره زحفًا لفعلوا.
19- لأول مرة يهتم الرأي العام العالمي برؤيته وسماع صوته في حال الذلة بعد انقطاع طويل، وهو يكره هذا الانتظار والترقُّب.
20- لأول مرة: يُدير الجنود ظهورهم له ولنجليه ومن معهم، دون رغبة أو رهبة، ويتوجهون بوجوههم إلى هيئة المحكمة.
21- لأول مرة يحمل كل من ولديه المصحف، ويحرصان على الظهور بهذا الحال.
22- لأول مرة يدفع ولداه سريره الطبي دون ازدحام عليهما للقيام عنهما بهذه المهمة.
23- لأول مرة تخلو القاعة – في حضوره- من صورته، بل شوهدت صور تعذيبه وشنقه خارج القاعة.
24- لأول مرة يُظهر الشامتون فيه شماتتهم، ويتعرض مؤيدوه للإهانة والضرب خارج المحكمة.
25- لأول مرة يرى الساسةُ بعده إطفاء غضب الشعب بإحضاره على هذا الحال، وإن رغمت أنف المبجَّل المدلَّل.
26- لأول مرة يقول نجلاه للقاضي، وهما في قفص الاتهام: نعم، يا أفندم.
27- لأول مرة تنتهي جلستهم، ولا يرجع مبارك ونجلاه إلى أفخر الموائد في أرقى المنتجعات، بل يرجعون إلى أماكنهم في السجون والمستشفيات.
28- لأول مرة يدخل ونجلاه في قفص الاتهام، وتلاحقهم الأنظار من وراء القضبان.
29- لأول مرة في التاريخ المعاصر يحاكِمُ شعبٌ عربي مسلم حاكِمَه، دون سلطة خارجية، ويبقى مبارك مثلاً يتمثل به الناس من بعده.
30- لأول مرة لا يحسده من رآه ونجليه على هذا الحال.
31- لأول مرة يشعر أنه يُسأل سؤال القادر على عقوبته.
32- لأول مرة يرى الناس في مبارك جزاء ما اقترفت يداه.
33- لأول مرة يراه المحبون له عبر الشاشات والحزن يعصر قلوبهم، والكآبة تعلو وجوههم.
2- لأول مرة يُحدِّد غيره له موعد الحضور والانصراف دون الرجوع إلى رغبته في ذلك، فالأمر في ذلك راجع إلى قرار هيئة المحكمة.
3- لأول مرة يدخل على جمهور الناس محمولاً على سرير طبي نقال، وقد كان ينزل من السيارات السوداء الفارهة، وكبار رجال الدولة يحيطون به، وتتابعه الأضواء حتى يُطل على الناس.
4- لأول مرة يلبس لُبْس السجن، وتنزع عنه البدلات التي تفصَّل عند فضل مصممي الأزياء في العالم.
5- لأول مرة منذ تولي الرئاسة لا يُفرش له البساط الأحمر ليمشي عليه، والناس في انتظاره.
6- لأول مرة يدخل ولا يلوِّح بيده أو يديه للجمهور.
7- لأول مرة لا يقوم الجمهور له، ولا تضج القاعة بأصوات التصفيق والهتافات.
8- لأول مرة يذرف دموع الأسى أمام الجماهير.
9- لأول مرة كان لا يحرص على ظهوره للكاميرات، وقد كان من قبل يتفنن في ظهوره أمامها على عدة أوضاع.
10- لأول مرة يحرص نجلاه على حجبه عن الكاميرات.
11 لأول مرة ينتظر مبارك دخول غيره عليه – أعني القاضي وهيئة المحكمة- وقد كان لا يدخل قاعة ولا حفلاً إلا بعد حضور الجميع، وبوجوده يبدأ الحفل، أي أنه كان يُنْتَظَر ولا يَنْتَظِر.
12- لأول مرة يقول للقاضي: نعم يا أفندم، أنا موجود، قالها عندما نادى القاضي اسمه ليتأكد من وجوده.
13- لأول مرة يقال: المتهم الأول محمد حسني السيد مبارك، ولا يقال: فخامة الرئيس ...الخ.
14- لأول مرة يُحال بينه وبين نجليه عدة أشهر، ولا يلتقي بهما في المحكمة إلا بعد غياب مُرٍّ على الجميع، وقد كان اللقاء أشد مرارة.
15- لأول مرة يجتمع معه وزير داخليته ومعاونوه، ولا يقدم له وزيره بروتوكولات التحية والإجلال، بل يكره بعضهم بعضًا، ويحاول كل منهم أن يلقي بالتهم على غيره، صدق الله: [الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا المُتَّقِينَ] {الزُّخرف:67} وقد رأينا هذا في الدنيا، فما ظنك بالآخرة لمن مات على ذلك؟ [وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى] {طه:127} ؟
16- لأول مرة يدخل هو ونجلاه ومن معهم على الناس بهيئة الذلة والإدانة.
17- لأول مرة يُسأل: أأنت فعلتَ كذا؟ ويجيب: أنا أنكر هذا تمامًا يا أفندم، ومن الذي كان يمكن أن يسأله قبل ذلك؟!
18- لأول مرة يذهب إلى مكتب المحامي بجميع أسرته ليحرر وكالة للمحامي، وقد كان وزراء العدل – فضلاً عن مجرد محامٍ- لو أمرهم أن يأتوا إلى قصره زحفًا لفعلوا.
19- لأول مرة يهتم الرأي العام العالمي برؤيته وسماع صوته في حال الذلة بعد انقطاع طويل، وهو يكره هذا الانتظار والترقُّب.
20- لأول مرة: يُدير الجنود ظهورهم له ولنجليه ومن معهم، دون رغبة أو رهبة، ويتوجهون بوجوههم إلى هيئة المحكمة.
21- لأول مرة يحمل كل من ولديه المصحف، ويحرصان على الظهور بهذا الحال.
22- لأول مرة يدفع ولداه سريره الطبي دون ازدحام عليهما للقيام عنهما بهذه المهمة.
23- لأول مرة تخلو القاعة – في حضوره- من صورته، بل شوهدت صور تعذيبه وشنقه خارج القاعة.
24- لأول مرة يُظهر الشامتون فيه شماتتهم، ويتعرض مؤيدوه للإهانة والضرب خارج المحكمة.
25- لأول مرة يرى الساسةُ بعده إطفاء غضب الشعب بإحضاره على هذا الحال، وإن رغمت أنف المبجَّل المدلَّل.
26- لأول مرة يقول نجلاه للقاضي، وهما في قفص الاتهام: نعم، يا أفندم.
27- لأول مرة تنتهي جلستهم، ولا يرجع مبارك ونجلاه إلى أفخر الموائد في أرقى المنتجعات، بل يرجعون إلى أماكنهم في السجون والمستشفيات.
28- لأول مرة يدخل ونجلاه في قفص الاتهام، وتلاحقهم الأنظار من وراء القضبان.
29- لأول مرة في التاريخ المعاصر يحاكِمُ شعبٌ عربي مسلم حاكِمَه، دون سلطة خارجية، ويبقى مبارك مثلاً يتمثل به الناس من بعده.
30- لأول مرة لا يحسده من رآه ونجليه على هذا الحال.
31- لأول مرة يشعر أنه يُسأل سؤال القادر على عقوبته.
32- لأول مرة يرى الناس في مبارك جزاء ما اقترفت يداه.
33- لأول مرة يراه المحبون له عبر الشاشات والحزن يعصر قلوبهم، والكآبة تعلو وجوههم.
إن هذا كله عبرة لمن أراد الله به خيرًا، فيستقيم على أمر الله عز وجل في نفسه، وإن كان حاكمًا فليتق الله في شعبه، ويسوسه بما يُرضي الله عز وجل، ويعلم أنه ويْل لسلطان الأرض من سلطان السماء، فهل يعتبر من ولي من أمر المسلمين شيئًا قليلاً أو كثيرًا؟ وهل يُدرك من بقي من حكام المسلمين أن عليهم أن يلوذوا بملك الملوك، وبمن لا يزول ملكه، وبمن هو فعّال لما يريد، ومن هو يُجير ولا يُجار عليه، ولا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء؟ هذا ما نرجوه، والتوفيق بيد الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا
كتبه
أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
دار الحديث بمأرب
4 / رمضان / 1432هـ
كتبه
أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
دار الحديث بمأرب
4 / رمضان / 1432هـ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى