رمضان بين صورتين
صفحة 1 من اصل 1
رمضان بين صورتين
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. وبعد:
فالناس في رمضان أنواع وأصناف شتى فهم يختلفون اختلافا كثيرا وعلى أي حال فهم في الغالب إما مفرط ومضيع وإما مجتهد حريص ولعلي أقف عند تلك الصورتين ونذكر بعضا من أحوالهم..
الصورة الأولى:
يسمع الناس بدخل رمضان فتستبشر نفسه وتسر وتطرف، لماذا كل هذا الفرح؟!.. إنها لذة العبادة.. لذة المناجاة.. لذة الصيام.. إنه يدرك تماما أن رمضان شهر القرآن، لذا تراه يكثر من تلاوة القرآن دون ملل ويعلم أنه شهر التوبة والمغفرة فهو يقف مع نفسه ويحاسبها ويستغفر ويرجع ويتوب لا يتكبر لا يعجب بعمله لا يسوف ولا يؤجل يعلم أنه مقصر ومذنب.. وربما هناك خطايا وبلايا من المعاصي لم يحسب لها حسبان، وهناك زلات وعثرات قد نسيها ولكن الله لم ينساها (أحصاه الله ونسوه).
وهناك معاصي قد تساهل فيها ووقعت منه على أنها من الصغائر ولكنها سجلت وكتبت في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة.. {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [سورة الكهف: 49].
نعم يحاسب نفسه وكلما سمع ناصحا أو واعظا يعظ ويذكر، يعتقد بأنه هو المخاطب وهو المقصود لا يخرج نفسه عن الخطاب فهو دائم كثير المحاسبة والاستغفار، وقدوته بذلك صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «يا أيها الناس، توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة» [أخرجه مسلم].
ويدرك تماما أن رمضان هو شهر الإنفاق والبذل والصدقات لذا تراه ينفق مرة بعد مرة في اليوم أكثر من مرة، مرة لجمعية ومرة لإفطار صائم، ومرات و مرات ينفق في كل وقت وعند كل صلاة يستغل ماله بهذا البذل، إنها فرص وغنائم جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من فطر صائما كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا» [رواه الترمذي وصححه الألباني]. وهو يدرك تماما كذلك بأنه شهر الصيام شهر الصلاة والتقرب إلى الله لذلك لا يدع صلاة التراويح والتهجد لا يدعها مهما كان السبب والشغل، ويعلم ما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [صححه الألباني]، فهو يتأمل هذا الأجر المضاعف كيف يفوت ويفرط به، ويتعجب هذا الإهمال عند بعض الناس...
الله أكبر إنها فرص ذهبية لا تعوض فلو كانت هذه الفرص من أمور الدنيا لسارع الكثير من الناس إليها وجاؤوا من كل حدب وصوب سبحان الله ألهذه الدرجة يصل هذا الإفراط؟!، شهر رمضان شهر القرآن، شهر التوبة، شهر تصفد فيه الشياطين وتفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النار... شهر العتق من النيران.. شهر العمل والجد والاجتهاد.. شهر البطولات والتضحيات.. شهر فيه ليلة خير من ألف شه.. لذا لا تراه إلا تاليا لكتاب الله ومنفقا في سبيل الله.. مصليا قانتا لله خاشعا أدرك معنى الصيام صام لسانه عن الحرام.. صام نظره عن الحرام صامت جميع جوارحه عن الحرام.
هذه الصورة نراها ولله الحمد فهؤلاء أصحاب الصورة المشرقة الذين استغلوا كل مزية وخصلة من رمضان، واستغلوا كل لحظة من أوقاتهم.
أولئك الذين من الله عليهم بالتوفيق والسداد، واستعملهم في طاعته، نسأل الله لنا ولهم قبول العمل.
الصورة الأخرى:
هذه الصورة نراها كثيرا والله المستعان. وسوف أذكر لكم بعضا من أحوالهم وهم يتفاوتون في التضييع والتفريط من قل ومكثر..
1- منهم من يجد في أول رمضان تراه قارئا للقرآن مصليا ثم بعد أيام يقل هذا النشاط والحماس رويدا رويدا إلى أن يترك ويدع ما كان يفعله في أول الشهر.
2- منهم أيها الأخوة من لا يستشعر شهر رمضان فهو لا يدرك ولا يعرف إلا أنه لا يأكل ولا يشرب من آذان الفجر إلى غروب الشمس، انتهى الأمر بعد ذلك لذا ترى حاله عجيبة وغريبة سهر في الليل يقضيه في مشاهدة المحرمات والتسكع في الأسواق، أو اللعب والقيل والقال إلى آذان الفجر ثم بعد ذلك نوم إلى الظهر قد يصلي أو لا يصلي ثم يواصل إلى العصر ومنهم من يستمر بالنوم إلى المغرب، ثم يوقظ ليأكل ويشرب ويستفتح إفطاره بعد الصلاة بالمشاهدة والنظر إلى الحرام فهو قد طاش عقله من كثرة النوم.
3- ومنهم أيها الأحبة حالة مؤسفة ومبكية قد لا تعلمون عنهن ولكن أذكر لك بعضا من حالهم يذهبون مع أهلهم إلى المسجد الحرام لأداء العمرة ويجلسون الشهر كله أو أكثرة، الأب يكون غالب وقته في الحرم والأم في الغالب كذلك ويبقى السؤال أين الأولاد؟!، مصيرهم غير معلوم عند الأب إلا أنهم في الشقة وأنهم يحضرون له الإفطار عند الغروب عدا هذا لا يعرف عنهم شيئا، سأخبرك عن ما يفعلونه ويقضون به أوقاتهم سهر في الليل، تسكع في الأسواق... الابن يذهب وحده أو مع مجموعة من الشباب لذلك تراهم أحيانا قد شكلوا مجموعة فهم يبحثون عن أي إشكالية مع أي شخص هذا يطلق كلمة والآخر يغمز ويهمز يؤذون عباد الله، يسيرون في الأسواق وقد ضيقوا على المسلمين، يتحينون فرصة في التعرف ومعاكسة الفتيات؛ فتراهم أحيانا ينظرون إلى أعلى فتنظر فترى نوافذ الشقق، والله أعلم ما وراء النوافذ يجلسون على هذا الحال إلى الفجر ولا داعي إلى أن أزيد على ما ذكرت بعد هذا الوضع الأليم.
أما إن سألت عن نهارهم فهو نوم يضيعون الصلاة وهم بجوار بيت الله، وإن سألت عن أحوال البنات فما هن عن أحوال الأولاد ببعيد ولا داعي للاستطراد والتفصيل..
ويبقى السؤال من المسؤول عن هؤلاء؟!
هل هو الأب المفرط؟!، أو الأم المضيعة؟!
السؤال يبحث عن جواب وأدع الجواب لك!!
هذه صورة لواقع أليم لفئة من شبابنا ويحدث هذا في شهر رمضان، في شهر العبادة ولا تتعجب أن قالوا لك أن الجرائم تكثر في شهر رمضان أكثر بقية الشهور، قال صلى الله عليه وسلم: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر» [قال الألباني حسن صحيح].
وأخيرا: يجب علينا أيها الأحبة أن نتقي الله في أنفسنا وفي أولادنا وأن نتقبل الحق وأن لا نعذر لأنفسنا ونتهرب من الحقيقة..
أسأل الله العلي العظيم أن يهدي ضال المسلمين، وأن يعفو عنا وعنهم، ويغفر لنا ولهم، وأسأل الله أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا إنه ولي ذلك والقادر عليه..
وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم.
دار ابن خزيمة
السلام عليكم ورحمة الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. وبعد:
فالناس في رمضان أنواع وأصناف شتى فهم يختلفون اختلافا كثيرا وعلى أي حال فهم في الغالب إما مفرط ومضيع وإما مجتهد حريص ولعلي أقف عند تلك الصورتين ونذكر بعضا من أحوالهم..
الصورة الأولى:
يسمع الناس بدخل رمضان فتستبشر نفسه وتسر وتطرف، لماذا كل هذا الفرح؟!.. إنها لذة العبادة.. لذة المناجاة.. لذة الصيام.. إنه يدرك تماما أن رمضان شهر القرآن، لذا تراه يكثر من تلاوة القرآن دون ملل ويعلم أنه شهر التوبة والمغفرة فهو يقف مع نفسه ويحاسبها ويستغفر ويرجع ويتوب لا يتكبر لا يعجب بعمله لا يسوف ولا يؤجل يعلم أنه مقصر ومذنب.. وربما هناك خطايا وبلايا من المعاصي لم يحسب لها حسبان، وهناك زلات وعثرات قد نسيها ولكن الله لم ينساها (أحصاه الله ونسوه).
وهناك معاصي قد تساهل فيها ووقعت منه على أنها من الصغائر ولكنها سجلت وكتبت في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة.. {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [سورة الكهف: 49].
نعم يحاسب نفسه وكلما سمع ناصحا أو واعظا يعظ ويذكر، يعتقد بأنه هو المخاطب وهو المقصود لا يخرج نفسه عن الخطاب فهو دائم كثير المحاسبة والاستغفار، وقدوته بذلك صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «يا أيها الناس، توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة» [أخرجه مسلم].
ويدرك تماما أن رمضان هو شهر الإنفاق والبذل والصدقات لذا تراه ينفق مرة بعد مرة في اليوم أكثر من مرة، مرة لجمعية ومرة لإفطار صائم، ومرات و مرات ينفق في كل وقت وعند كل صلاة يستغل ماله بهذا البذل، إنها فرص وغنائم جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من فطر صائما كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا» [رواه الترمذي وصححه الألباني]. وهو يدرك تماما كذلك بأنه شهر الصيام شهر الصلاة والتقرب إلى الله لذلك لا يدع صلاة التراويح والتهجد لا يدعها مهما كان السبب والشغل، ويعلم ما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [صححه الألباني]، فهو يتأمل هذا الأجر المضاعف كيف يفوت ويفرط به، ويتعجب هذا الإهمال عند بعض الناس...
الله أكبر إنها فرص ذهبية لا تعوض فلو كانت هذه الفرص من أمور الدنيا لسارع الكثير من الناس إليها وجاؤوا من كل حدب وصوب سبحان الله ألهذه الدرجة يصل هذا الإفراط؟!، شهر رمضان شهر القرآن، شهر التوبة، شهر تصفد فيه الشياطين وتفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النار... شهر العتق من النيران.. شهر العمل والجد والاجتهاد.. شهر البطولات والتضحيات.. شهر فيه ليلة خير من ألف شه.. لذا لا تراه إلا تاليا لكتاب الله ومنفقا في سبيل الله.. مصليا قانتا لله خاشعا أدرك معنى الصيام صام لسانه عن الحرام.. صام نظره عن الحرام صامت جميع جوارحه عن الحرام.
هذه الصورة نراها ولله الحمد فهؤلاء أصحاب الصورة المشرقة الذين استغلوا كل مزية وخصلة من رمضان، واستغلوا كل لحظة من أوقاتهم.
أولئك الذين من الله عليهم بالتوفيق والسداد، واستعملهم في طاعته، نسأل الله لنا ولهم قبول العمل.
الصورة الأخرى:
هذه الصورة نراها كثيرا والله المستعان. وسوف أذكر لكم بعضا من أحوالهم وهم يتفاوتون في التضييع والتفريط من قل ومكثر..
1- منهم من يجد في أول رمضان تراه قارئا للقرآن مصليا ثم بعد أيام يقل هذا النشاط والحماس رويدا رويدا إلى أن يترك ويدع ما كان يفعله في أول الشهر.
2- منهم أيها الأخوة من لا يستشعر شهر رمضان فهو لا يدرك ولا يعرف إلا أنه لا يأكل ولا يشرب من آذان الفجر إلى غروب الشمس، انتهى الأمر بعد ذلك لذا ترى حاله عجيبة وغريبة سهر في الليل يقضيه في مشاهدة المحرمات والتسكع في الأسواق، أو اللعب والقيل والقال إلى آذان الفجر ثم بعد ذلك نوم إلى الظهر قد يصلي أو لا يصلي ثم يواصل إلى العصر ومنهم من يستمر بالنوم إلى المغرب، ثم يوقظ ليأكل ويشرب ويستفتح إفطاره بعد الصلاة بالمشاهدة والنظر إلى الحرام فهو قد طاش عقله من كثرة النوم.
3- ومنهم أيها الأحبة حالة مؤسفة ومبكية قد لا تعلمون عنهن ولكن أذكر لك بعضا من حالهم يذهبون مع أهلهم إلى المسجد الحرام لأداء العمرة ويجلسون الشهر كله أو أكثرة، الأب يكون غالب وقته في الحرم والأم في الغالب كذلك ويبقى السؤال أين الأولاد؟!، مصيرهم غير معلوم عند الأب إلا أنهم في الشقة وأنهم يحضرون له الإفطار عند الغروب عدا هذا لا يعرف عنهم شيئا، سأخبرك عن ما يفعلونه ويقضون به أوقاتهم سهر في الليل، تسكع في الأسواق... الابن يذهب وحده أو مع مجموعة من الشباب لذلك تراهم أحيانا قد شكلوا مجموعة فهم يبحثون عن أي إشكالية مع أي شخص هذا يطلق كلمة والآخر يغمز ويهمز يؤذون عباد الله، يسيرون في الأسواق وقد ضيقوا على المسلمين، يتحينون فرصة في التعرف ومعاكسة الفتيات؛ فتراهم أحيانا ينظرون إلى أعلى فتنظر فترى نوافذ الشقق، والله أعلم ما وراء النوافذ يجلسون على هذا الحال إلى الفجر ولا داعي إلى أن أزيد على ما ذكرت بعد هذا الوضع الأليم.
أما إن سألت عن نهارهم فهو نوم يضيعون الصلاة وهم بجوار بيت الله، وإن سألت عن أحوال البنات فما هن عن أحوال الأولاد ببعيد ولا داعي للاستطراد والتفصيل..
ويبقى السؤال من المسؤول عن هؤلاء؟!
هل هو الأب المفرط؟!، أو الأم المضيعة؟!
السؤال يبحث عن جواب وأدع الجواب لك!!
هذه صورة لواقع أليم لفئة من شبابنا ويحدث هذا في شهر رمضان، في شهر العبادة ولا تتعجب أن قالوا لك أن الجرائم تكثر في شهر رمضان أكثر بقية الشهور، قال صلى الله عليه وسلم: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر» [قال الألباني حسن صحيح].
وأخيرا: يجب علينا أيها الأحبة أن نتقي الله في أنفسنا وفي أولادنا وأن نتقبل الحق وأن لا نعذر لأنفسنا ونتهرب من الحقيقة..
أسأل الله العلي العظيم أن يهدي ضال المسلمين، وأن يعفو عنا وعنهم، ويغفر لنا ولهم، وأسأل الله أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا إنه ولي ذلك والقادر عليه..
وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم.
دار ابن خزيمة
مواضيع مماثلة
» أثمن ثلاث ساعات في رمضان... 2012 ...أثمن ثلا ث ساعات في رمضان... 2012
» رمضان في غزة
» بين يدي رمضان
» رمضان قد عاد
» فضل شهر رمضان
» رمضان في غزة
» بين يدي رمضان
» رمضان قد عاد
» فضل شهر رمضان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى