هول يوم القيامة
صفحة 1 من اصل 1
هول يوم القيامة
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ(2) ﴾ [الحج:1- 2]
اشتملت هاتان الآيتان على أنواع من البلاغة والبيان، نجملها فيما يلي:
1- في قوله تعالى: " وترى الناس سكارى وما هم بسكارى" تشبيه بليغ،فقد شبه الناس في ذلك اليوم العصيب بحالة السكارى الذين فقدوا التمييز، وأضاعوا الرشد، والعلماء يقولون: من أدلة المجاز صدق نقيضه، كقولك: زيد حمار إذا وصفته بالبلادة والغباء، ثم يصدق أن تقول وما هو بحمار فتنفي عنه الحقيقة، فكذلك الآية بعد أن أثبتت السكر المجازي نفت الحقيقة أبلغ نفي مؤكد بالباء، والسر في تأكيد التنبيه على أن السكر الذي هو بهم في تلك الحالة ليس من المعهود في شيء، وإنما هو أمر لم يعهدوا قبله مثله، والاستدراك بقوله: "ولكن عذاب الله شديد " راجع إلى قوله: " وما هم بسكارى" وكأنه تعليل لإثبات السكر المجازي، كأنه قيل: إذا لم يكونوا سكارى من الخمر، وهو السكر المعهود، فما هذا السكر الغريب؟ وما سببه؟ فقيل: شدة عذاب الله تعالى.
2- وفي عدوله عن مرضع إلى مرضعة سر قل من يتفطن له، وهو: أن المرضعة هي التي باشرت الإرضاع فعلا، فنزعها الثدي من فم طفلها عند حدوث الهول، ووقوع الارتباك أدلُّ على الدهشة، وأكثر تجسيدا لمواطن الذهول، الذي استولى عليها، وهناك فرق آخر، وهو: أن وروده على النسب أي: مرضع لا يلاحظ فيه حدوث الصفة المشتق منها، ولكن مقتضاه أنه موصوف بها، وعلى غير النسب أي: مرضعة يلاحظ فيه حدوث الفعل وخروج الصفة عليه، وهذا من أسرار لغتنا التي تندر في اللغات.
3- قال ابن القيم رحمه الله: المرضع من لها ولد ترضعه، والمرضعة من ألقمت الثدي للرضيع، وعلى ذا فقوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ﴾ أبلغ من مرضع في هذا المقام، فإن المرأة قد تذهل عن الرضيع إذا كان غير مباشر للرضاعة، فإذا التقم الثدي واشتغلت برضاعه لم تذهل عنه إلا لأمر هو أعظم عندها من اشتغالها بالرضاع.
وتأمل رحمك الله تعالى السر البديع في عدوله سبحانه عن كل حامل إلى قوله: ﴿ ذَاتِ حَمْلٍ﴾ فإن الحامل قد تطلق على المهيئة للحمل، وعلى من هي في أول حملها ومباديه، فإذا قيل: ذات حمل، لم يكن إلا لمن قد ظهر حملها وصلح للوضع كاملا أو سقطا، كما يقال: ذات ولد، فأتى في المرضعة بالتاء التي تحقق فعل الرضاعة دون التهيؤ لها، وأتى في الحامل بالسبب الذي يحقق وجود الحمل وقبوله للوضع والله سبحانه وتعالى أعلم.(بدائع الفوائد: 2/213)
4- هذا من أسرار البيان في القرآن الكريم ففرق بين المرضعة التي هي متلبسة في الفعل، وبين من لها طفل ترضعه وهو غير مباشر للرضاعة، قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" (11/174): وألحق الهاء في مرضع لأنه أراد فاعلات ذلك اليوم، فأجراه على الفعل، وأما إذا أخبرت عن المرأة بأن لها طفلا ترضعه فإنما تقول: مرضع مثل حامل"
ومثله يقال في الفرق بين حامل وذات حمل، قال الزمخشري: لم قيل مرضعة دون مرضع؟ قلت: المرضعة التي هي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي، والمرضع: التي شأنها أن ترضع، وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به، فقيل مرضعة، ليدل على أن ذلك الهول، إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة.
[«إعراب القرآن وبيانه» للدرويش: (5/ 97)]
اشتملت هاتان الآيتان على أنواع من البلاغة والبيان، نجملها فيما يلي:
1- في قوله تعالى: " وترى الناس سكارى وما هم بسكارى" تشبيه بليغ،فقد شبه الناس في ذلك اليوم العصيب بحالة السكارى الذين فقدوا التمييز، وأضاعوا الرشد، والعلماء يقولون: من أدلة المجاز صدق نقيضه، كقولك: زيد حمار إذا وصفته بالبلادة والغباء، ثم يصدق أن تقول وما هو بحمار فتنفي عنه الحقيقة، فكذلك الآية بعد أن أثبتت السكر المجازي نفت الحقيقة أبلغ نفي مؤكد بالباء، والسر في تأكيد التنبيه على أن السكر الذي هو بهم في تلك الحالة ليس من المعهود في شيء، وإنما هو أمر لم يعهدوا قبله مثله، والاستدراك بقوله: "ولكن عذاب الله شديد " راجع إلى قوله: " وما هم بسكارى" وكأنه تعليل لإثبات السكر المجازي، كأنه قيل: إذا لم يكونوا سكارى من الخمر، وهو السكر المعهود، فما هذا السكر الغريب؟ وما سببه؟ فقيل: شدة عذاب الله تعالى.
2- وفي عدوله عن مرضع إلى مرضعة سر قل من يتفطن له، وهو: أن المرضعة هي التي باشرت الإرضاع فعلا، فنزعها الثدي من فم طفلها عند حدوث الهول، ووقوع الارتباك أدلُّ على الدهشة، وأكثر تجسيدا لمواطن الذهول، الذي استولى عليها، وهناك فرق آخر، وهو: أن وروده على النسب أي: مرضع لا يلاحظ فيه حدوث الصفة المشتق منها، ولكن مقتضاه أنه موصوف بها، وعلى غير النسب أي: مرضعة يلاحظ فيه حدوث الفعل وخروج الصفة عليه، وهذا من أسرار لغتنا التي تندر في اللغات.
3- قال ابن القيم رحمه الله: المرضع من لها ولد ترضعه، والمرضعة من ألقمت الثدي للرضيع، وعلى ذا فقوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ﴾ أبلغ من مرضع في هذا المقام، فإن المرأة قد تذهل عن الرضيع إذا كان غير مباشر للرضاعة، فإذا التقم الثدي واشتغلت برضاعه لم تذهل عنه إلا لأمر هو أعظم عندها من اشتغالها بالرضاع.
وتأمل رحمك الله تعالى السر البديع في عدوله سبحانه عن كل حامل إلى قوله: ﴿ ذَاتِ حَمْلٍ﴾ فإن الحامل قد تطلق على المهيئة للحمل، وعلى من هي في أول حملها ومباديه، فإذا قيل: ذات حمل، لم يكن إلا لمن قد ظهر حملها وصلح للوضع كاملا أو سقطا، كما يقال: ذات ولد، فأتى في المرضعة بالتاء التي تحقق فعل الرضاعة دون التهيؤ لها، وأتى في الحامل بالسبب الذي يحقق وجود الحمل وقبوله للوضع والله سبحانه وتعالى أعلم.(بدائع الفوائد: 2/213)
4- هذا من أسرار البيان في القرآن الكريم ففرق بين المرضعة التي هي متلبسة في الفعل، وبين من لها طفل ترضعه وهو غير مباشر للرضاعة، قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" (11/174): وألحق الهاء في مرضع لأنه أراد فاعلات ذلك اليوم، فأجراه على الفعل، وأما إذا أخبرت عن المرأة بأن لها طفلا ترضعه فإنما تقول: مرضع مثل حامل"
ومثله يقال في الفرق بين حامل وذات حمل، قال الزمخشري: لم قيل مرضعة دون مرضع؟ قلت: المرضعة التي هي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي، والمرضع: التي شأنها أن ترضع، وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به، فقيل مرضعة، ليدل على أن ذلك الهول، إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة.
[«إعراب القرآن وبيانه» للدرويش: (5/ 97)]
مواضيع مماثلة
» الظلم ظلمات يوم القيامة
» الظلم ظلمات يوم القيامة
» صور من يوم القيامة !!! ادخل وشوف بنفسك
» عبد لا تنال النار منه يوم القيامة أتعرفون من هو ؟
» قصيدة لعبد الرحمان العشماوي ...... يوم القيامة
» الظلم ظلمات يوم القيامة
» صور من يوم القيامة !!! ادخل وشوف بنفسك
» عبد لا تنال النار منه يوم القيامة أتعرفون من هو ؟
» قصيدة لعبد الرحمان العشماوي ...... يوم القيامة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى