خطبة الجمعة: أَوْلَى النَّاسِ بِالْمَعْرُوفِ
صفحة 1 من اصل 1
خطبة الجمعة: أَوْلَى النَّاسِ بِالْمَعْرُوفِ
الخطبةُ الأولى
الحمدُ للهِ الَّذِي خلقَ مِنَ الماءِ بشراً, وجعلَ منْهُ
نسباً وصهراً, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ
شَرِيكَ لَهُ الْقَائِلُ عزَّ مِن
قائلٍ:] وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [([sup][1])[/sup] وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ وصفيُّهُ منْ خلقِهِ وحبيبُهُ القائلُصلى الله عليه وسلم :« تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ »([sup][2])[/sup] اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ: فإنِّي أوصيكُمْ وإيَّايَ بتقوَى اللهِ عزَّ وجلَّ وطاعتِهِ، قَالَ تعالَى :] يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[([sup][3][/sup]).
أيُّهَا المسلمونَ: إنَّ اللهَ سبحانَهُ
وتعالَى أمرَ فِي محكمِ كتابِهِ بالإحسانِ إلَى ذَوِي القربَى وقرَنَ ذلكَ
بعبادِتِهِ معَ الإحسانِ إلَى الوالدينِ مِمَّا يعطِي هذَا الأمرَ أهميةً
خاصَّةً فِي نفْسِ المسلمِ وشعورِهِ, قالَ عزَّ وجلَّ:] وَاعْبُدُوا
اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي
الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ
السَّبِيلِ[([sup][4])[/sup]
وجاءَتْ أحاديثُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم لِتقوِّيَ هذَا
الاتجاهَ الكريمَ, فربطَتْ بيْنَ الإيمانِ باللهِ تعالَى وبيْنَ صِلَةِ
ذَوِى القُربَى، قالَ صلى الله عليه وسلم:« ... مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»([sup][5])[/sup]
وقدْ جعلَ اللهُ تعالَى الجزاءَ منْ جنسِ العملِ, وصلةُ اللهِ
للعبدِ هيَ الخيرُ كلُّهُ، وهنيئاً لمنْ أكرَمَهُ اللهُ سبحانَهُ بِهَا,
قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ»([sup][6][/sup]).
هذَا جزاءُ الواصلِ فِي الدُّنيا أمَّا جزاؤُهُ فِي الآخرةِ
فرضَا الرَّحمنِ ودخولُ الجنانِ، يقولُ سيِّدُ المرسلين صلى الله عليه
وسلم:« أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ»([sup][7][/sup])
عبادَ اللهِ: مِنْ أهمِّ مَا يُمَيِّزُ
مجتمعَنَا صلةُ الأرحامِ والإحسانُ إلَى ذوي القُربى, فعلينَا أنْ نتمسَّكَ
بِهذهِ الخصالِ الطيبةِ المباركةِ ونتواصَلَ معَ الأقاربِ مِنْ خلالِ
الزَّيارَةِ المتكررةِ, والتَّفقُّدِ المستمرِّ، وعلينَا إسداءُ النُّصحِ
لهمْ بالحكمةِ التِي تحققُ المرادَ، وكذلكَ تقديمُ المشورةِ فِي كلِّ مَا
ينفعُهُمْ فِي دينِهِمْ ودنياهُمْ معَ طلاقةِ الوجهِ وطيبِ الكلمةِ,
والحرصِ علَى المشاركةِ فِي الأفراحِ والأحزانِ مهمَا حدثَتْ بينَنَا
وبينَهُمْ مِنْ خلافاتٍ، فقدْ أمرَنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
بالصَّبرِ عليهِمْ والغضِّ عنْ هفواتِهِم إذَا صدرَتْ منهُمْ, فعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنْهُ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ
وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«
لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلا
يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ»([sup][8])[/sup].
أيهَا المؤمنونَ: لقَدْ حثَّنَا الإسلامُ
علَى أنْ نبدأَ بأقربائِنَا الفقراءِ والمساكينِ فِي مَجالِ الإنفاقِ
والزكاةِ والصَّدقاتِ والوقفِ, لأنَّهُمْ أولَى الناسِ بذَلِكَ، قالَ
تعالَى ] يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ
مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [([sup][9][/sup])
وبيَّنَ سيِّدُ الخلْقِ وأبرُّ الناسِ بأرحامِهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ
الصَّدقةَ علَى القريبِ أجرُهَا مضاعَفٌ, فقالَ صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»([sup][10])[/sup]
اللهمَّ اجعلْنَا مِنَ الواصلِينَ لأرحامِهِمْ، والمحسنِينَ
لأقربائِهِمْ, وأعِنَّا علَى بذْلِ المعروفِ لَهُمْ برحمتِكَ يَا أرحمَ
الرَّاحمينَ.
اللهمَّ وفِّقْنَا لطاعتِكَ وطاعةِ مَنْ أمرتَنَا بطاعتِهِ.
أقولُ قولِي هذَا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم فاستغفرُوهُ .
الخطبةُ الثانيةُ
الخطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ, وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ
وحدَهُ لاَ شريكَ لهُ, وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ,
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ
أجمعينَ، ومَنْ تبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ: فاتقُوا اللهَ عبادَ اللهِ
واعلمُوا أنَّ أبوابَ الخيرِ والمعروفِ كثيرةٌ ومتنوعةٌ، وأنَّ التبرعَ
بالدمِ مِنْ أعظمِهَا، لأنَّ فيهِ إنقاذٌ لحياةِ المرضَى والمحتاجينَ
وإحياءٌ لنفوسِهِمْ وخاصةً فِي الحالاتِ الطارئةِ، وقَدْ قالَ اللهُ
سبحانَهُ وتعالَى:﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ﴾([sup][11])[/sup] وللتبرعِ بالدمِ فوائدُ صحيةٌ للمتبرعِ، فهُوَ يجددُ الدورةَ الدمويةَ وينشِّطُ الجسمَ، ويُقلِّلُ مِنْ حدوثِ الجلطاتِ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْه، قَالَ
تَعَالَى:]إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[([12]) ويَقُولُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم:« مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً »([13]) اللَّهُمَّ
صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، اللهُمَّ
اجعلْنَا مِنَ البارِّينَ بأقاربِهِمْ المراعينَ لحقوقِهِمْ، اللهُمَّ
إنَّا نسألُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلمْنَا مِنهُ
ومَا لَمْ نعلمْ، ونعوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ
مَا عَلمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نَعلمْ، ونَسألُك الجَنَّةَ ومَا قَرَّبَ
إِليهَا مِنْ قَولٍ أَوْ عَملٍ، ونَعوذُ بِك مِنَ النَّارِ ومَا قَرَّبَ
إِليها مِنْ قَولٍ أوْ عَملٍ، اللهمَّ إنَّا نَسألُكَ مِمَّا سَألَكَ منهُ
سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم ونَعُوذُ بِكَ مِمَّا تَعوَّذَ مِنْهُ
سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم اللهمَّ اختِمْ بالسعادةِ آجالَنا،
وحقِّقْ بالزيادةِ أعمالَنَا، واقْرِنْ بالعافيَةِ غُدُوَّنا وآصالَنَا،
ومُنَّ علينَا بإصلاحِ عيوبِنَا، واجعلِ التَّقْوَى زادَنا، اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ
وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْ الشَّيْخَ زَايِدَ والشَّيْخَ مَكْتُومَ وإخوانَهما شيوخَ الإماراتِ الذينَ انتقلُوا إلى رحمتِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، وأَفِضْ عَلَيْهِم مِنْ رَحَمَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ، وَاجْعَلْ مَا قَدَّموا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِم يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ
وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا الشَّيْخَ خليفةَ بنَ زايدٍ وَنَائِبَهُ إِلَى
مَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ
وَوَلِيَّ عَهْدِهِ الأَمِينَ، اللَّهُمَّ أَخلِفْ علَى مَنْ زكَّى مالَهُ عطاءً ونماءً، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِكُلِّ مَنْ وَقَفَ لَكَ وَقْفًا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى عِبَادِكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ
إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا
الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا
وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ كبيرًا كانَ أوْ صغيرًا ولوْ كمفحصِ قطاةٍ، اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَى الإماراتِ الأمْنَ والأمانَ وَسَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ .
عبادَ اللهِ :] إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى
عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ[([14])
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، واللهُ يعلمُ مَا تصنعونَ.
اسْتَغْفِرُوا الله يَغْفِرْ لَكُمْ، وَأَقِمِ الصَّلاَةَ.
مواضيع مماثلة
» خطبة الجمعة: كَفَالَةُ الْيَتِيمِ
» خطر التهاون في ترك صلاة الجمعة
» ما فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
» اركان الصلاة و صلاة الجمعة
» فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة الَّلهُـــــــمّے صَــــــلٌ علَےَسيدنا مُحمَّــد
» خطر التهاون في ترك صلاة الجمعة
» ما فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
» اركان الصلاة و صلاة الجمعة
» فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة الَّلهُـــــــمّے صَــــــلٌ علَےَسيدنا مُحمَّــد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى