جماليات اللغة العربية تكمن في أصوات الحروف العربية
صفحة 1 من اصل 1
جماليات اللغة العربية تكمن في أصوات الحروف العربية
جماليات اللغة العربية تكمن في ..
أصوات الحروف العربية :
فأصواتها ثابتة لأن مدرجها الصوتي واسع ، وهي تشتمل على جميع الأصوات الإنسانية ومخارجها ..
قال د. محمد المبارك : " إن أول مايبدو من صفات الحروف العربية توزعها في أوسع مدرج صوتي عرفتها اللغات وذلك بين الشفتين وأقصى الحلق ، وهذا التوزع يؤدي إلى التوازن والانسجام بين الأصوات . "
قد تجد في لغات أخرى غير العربية حروفا أكثر عددا ، ولكنها محصورة في نطاق ضيق ، وقد تجدها متكاثرة بين الشفتين
وما والاها من الفم أو الخيشوم في اللغات كثيرة الغنة ، أو تجدها متزاحمة في جهة الحلق ، وفي هذا فقدان لحسن الانسجام الصوتي بسبب سوء توزيع الحروف .
الميزان الصرفي :
تطرأ على الميزان الصرفي تغيرات كثيرة طلبا للخفة والرشاقة وذلك بانتقاء الأصوات المنسجمة والتخلي عن الثقيل فيها ، وهذا ماتدركه الأذن الخبيرة التي تتذوق المخارج والصفات ، وهذا الانتقاء والتغيير يظهر في مواطن كثيرة منها :
أ - الإعلال والإبدال :
ففي وزن افتعل مثلا تقلب التاء طاء إذا سبقت بالضاد أو الظاء أو الصاد ، وذلك لثقل التاء بعد هذه الحروف مثل اضطر ، واظطلم واصطحب واصطرخ ، قال تعالى " وهم يصطرخون فيها " .
كما تقلب التاء دالا في وزن افتعل إذا سبقت بالذال والزاي لأن الدال معهما ألطف وآنق كما في اذدكر وازدهر ، ويجوز في الأولى أن يقال اذَّكر أو ادكر لأنهما ألذ في السمع من توالي حرفي الذال والدال .
وفي وقى تقلب الواو في وزن افتعل تاء وتدغم في التاء الثانية فتصير اتقى ، وهي أخف وأرشق من اوتقى .
والواو المتحركة المفتوح ماقبلها تقلب ألفا وكذلك حال الياء مثل قَوَل وبَيَع تصيران قال وباع وذلك طلبا للأخف من الكلام .
وفي وزن مفعول تحذف الواو من معتل العين ( الذي يحوي حرف علة في وسطه ) فنقول في مقوول : مقول لخفتها وفي مبيوع مبيع بعد عدة تحولات لتكون الكلمة أخف وأرق .
أما في المعتل الآخر فتقلب الواو ياء وتدغم في الياء في مثل مرضوي إذ تصير مرضي لأنه إذا التقت واو وياء الأولى منهما
ساكنة قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء الثانية ، وكذلك في وزن فيعل من هان هيون ثم تصير (هين ) وساد سيود ثم سيد .
ومن إبدال الصحيح بالعلة كلمة نبيء من النبأ على لغة تميم ، وقد كرهها الرسول صلى الله عليه وسلم بحسه المرهف وأبدلها بما هو أجمل منها فصارت الهمزة ياء وأدغمت في الياء الثانية في ( نبي ) .
ومن طلب الخفة والرشاقة أيضا أنه إذا جاءت همزتان في أول الكلام إبدلت الثانية حرف علة من جنس حركة ماقبلها كما في إيمان بدلا من إأمان ، وأوثر بدلا من أُؤثر ، وآدم بدلا من أَأدم وهذا التغيير كان للعذوبة والرشاقة .
والأمثلة على التغييرات الصرفية طلبا للجمال أكثر من أن تحصى .
وبناء على هذا التغيير في اللغة العربية حدد الدخيل على العربية من الفصيح لأنه لايجتمع في لفظ عربي ( ج ط ) كما في طازج ، أو ( ط ض ) أو ( ط ذ ) لأن العربية لغة موسيقية تحفل بإيقاع الكلمة . وقد ينقص ويغير من حروف الدخيل أيضا ليكون أرشق وأجود مثل فردوس أصلها برادايس .
ب - الإدغام :
وهو أيضا من جماليات اللغة العربية لأنه يقرب صوتا من صوت حتى يغدوا صوتا واحدا ينبو عنه اللسان نبوة واحدة ، ولولاه لاحتجنا إلى وقفة عند الحرف الأول ، وبه تزول الوقفة فيكون اللفظ أسهل وأخف ، فكلمة ( استقر ) نرى النطق فيها أعذب من ( استقرر ) .
ج - نقل الحركات :
نقل حركة حرف إلى ماقبله طلبا للخفة والجمال كما في يزْيِد تصير يزيد بنقل الكسرة إلى الساكن الصحيح قبلها ليصير وقع الكلمة ألطف
- الحذف :
ويكون للحركة والحرف والكلمة والجملة ، وذلك كله لتحقيق الجمال الموسيقي للفظة والعبارة مما يجعل اللغة شاعرية في نغمتها .
أ- فمن حذف الحركة : حذف الضمة من آخر المعتل بالواو والياء في حالة الرفع كما في يرميُ تصير يرمي ، ويدنوُ تصير يدنو ، بينما تظهر حركة الفتحة عليهما لخفتها فنقول ( لن نرميَ – لن ندنوَ ) .
ب- ومن حذف الحرف : حذف ألف ما الاستفهامية إن اتصل بها حرف جر كما في قوله تعالى ( عم يتساءلون ) ، أو كانت أداة الاستفهام ( متى ) وقد جمعا في قول الشاعر :
إلام الخلف بينكم إلاما ؟ وهذه الضجة الكبرى علاما ؟
والأصل إلى متى ؟ ،على ما يكون الاختلاف ؟ والألف في إلام وعلام للإطلاق في الشعر .
ومن حذف الحرف حذف ياء المتكلم للخفة واللطافة كما في قوله تعالى ( الذي خلقني فهو يهدينِ ، والذي هو يطعمني ويسقينِ ، وإذا مرضت فهو يشفينِ ، والذي يميتني ثم يحيينِ ) فهذا الحذف أفاد انسجاما صوتيا للفواصل مع ماقبلها وما بعدها .
ومن حذف الحرف أيضا أو صوته حذف التنوين ونوني المثنى والجمع عند الإضافة طلبا للرشاقة كما في قولنا ( يدٌ – يد الله فوق أيديهم )(يدان ، تبت يدا أبي لهب وتب ) .
وكذلك حذف حرف في النسبة طلبا للخفة في وزن فعيلة : فعَلي مثل طبيعة طبَعي .
وبديهة : بدَهي .
وحذف حرف في آخر الكلمة لثقله مثل بنو : يصير ابن ، ودمو يصير دم ، ويدي يصير يد .
وحذف حرف من الفعل للخفة والجرس الموسيقي الناغم مثل أكرم يكرم بدلا من يؤكرم ، ووقف يقف بدلا من يُوْقف .
وحذف ياء المنقوص في الرفع والجر وإبقاؤها في النصب مثل وادٍ بدلا من وادي في قوله تعالى : ( رب إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع ) وحذفها في جمع المذكر السالم للتسهيل في النطق فنقول قاضون وقاضين بدلا من قاضيون وقاضيين .
ج- حذف كلمة وقد تكون هذه الكلمة جملة كما في أسلوب التحذير والإغراء والاختصاص ، من ذلك قولنا : إنا – مسلمي العالم – نحتج على الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ، أي أخص مسلمي العالم .
الصدق الصدق فإنه منجاة ، أي الزم الصدق ، إياك والخيانة أي أحذر إياك واجتنب الخيانة .
وتحذف الكلمة في الفواصل القرآنية أو في السجع لتحقيق النغمة الطربة كما في قوله تعالى ( ماودعك ربك وما قلى ) أي وما قلاك ،حذف المفعول به من قلاك .
وفي البسملة إذ حذف الفعل قبلها وتقديره ( أبدأ ببسم الله ) ..
وفي القسم نحذف أحيانا الفعل كقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يرسل عليكم عقابا من عنده ...)أي والله لتأمرن بالمعروف ...
وقد يحذف الفعل أو الكلمة لدلالة السياق عليه كما في قوله تعالى ( قالوا سلاما قال سلام ) أي قالوا نسلم سلاما ، ولا تخفى الخفة في هذا الحذف .
وفي الأجوبة نحذف الفعل كأن نقول : من جاء؟فيجيب واحد : محمد.أي جاء محمد ، وفي هذا التقليل من الحروف رشاقة ولطافة .
د- حذف جملة مكونة من أكثر من كلمة :
ويكثر هذا في القصص والإخبار ، كما في قوله تعالى ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) أي أذكر لك يامحمد قصة البشرية حين أخذ ربك ...
وفي : شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أي قال لهم فعلت هذا لئلا تقولوا يوم القيامة ... وهذا المحذوف مفهوم من السياق لاحاجة لذكره ، والبلاغة في الإيجاز ، والجمال في الكلام البليغ .
والضمائر من علامات الإيجاز طلبا للخفة والعذوبة فحينما نقول ( كتبت ) نستعيض بها عن ( كتب شخصي ) .
-زيادة حرف :
ويتحقق الجمال أحيانا بزيادة حرف أو أكثر ، كما في زيادة هاء السكت في قوله تعالى ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه ، إني ظننت أني ملاق حسابيه ، فهو في عيشة راضية ) فقد زيدت هاء السكت لإحداث نغمة موسيقية عذبة بتحقيق التجانس الصوتي والنغمي في رؤوس الآيات .
ومن ذلك أيضا تشديد حرف لتقوية المعنى كما في قوله تعالى ( مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ) فكلمة اثاقلتم أقوى من تثاقلتم .
وقوله تعالى ( وهم يصطرخون فيها ) أقوى من يصرخون .وبهذا الإيقاع الموسيقي القوي يزداد المعنى قوة وبيانا .
ومن ذلك أيضا زيادة الألف لمناسبة الإيقاع ولإحداث الترنم كما في قوله تعالى ( إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا ، خالدين فيها أبدا لايجدون وليا ولا نصيرا ، يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ، وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ) فزيادة الألف لتكون النغمة حلوة الجرس عذبة الرنين .
وقد أثبت حفص والكسائي هذه الألف في ( الرسولا – السبيلا ) في الوصل والوقف لتتحقق نغمة توائم نغمة الفواصل القرآنية قبلهما فلا يحدث نشاز في الإيقاع الموسيقي .
منقول للأمانة العلمية
بوزيان13- عدد المساهمات : 295
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/03/2011
العمر : 51
الموقع : salman@aloadah.com
مواضيع مماثلة
» بحث حول اللغة العربية
» قواعد اللغة العربية
» مطويات اللغة العربية
» ملخصات هامة في اللغة العربية اولى متوسط
» ملخص رائع في مادة اللغة العربية
» قواعد اللغة العربية
» مطويات اللغة العربية
» ملخصات هامة في اللغة العربية اولى متوسط
» ملخص رائع في مادة اللغة العربية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى