ما قيل عن الصيف

أما المصيف، فاستمع ما فيه ... من فطن يفهم سامعيه.
فصل من الدهر إذا قيل حضر، ... أذكرنا بحرة نار سقر.
ظل فيه القلب مقشعراً ... والأرض تشكو حره المضرا.
أوله فيه ندى منغص ... كأنه على القلوب يقنص.
يلصق منه الجلد بالثياب ... ويعلق التراب بالأثواب.
حتى إذا ما طردته الشمس ... وفرحت بأن يزول النفس.
فتحت النار لنا أبوابها ... وشب فيها مالك شهابها.
حر يحيل الأوجه الغرانا ... حتى ترى الروم به حبشانا.
يعلو به الكرب ويشتد القلق ... وتنضج الأبدان فيه بالعرق.
تبصره فوق القميص قد علا ... حتى ترى مبيضه مصندلا.
إن كان رثا، زاد في تمزيقه؛ ... أو مستجدا، جد جبل زيقه.
ثم يعيد الماء ناراً حامية ... يزيد في كرب القلوب الصاديه.
شاربه يكرع في حميم ... كأنه من ساكني الجحيم.
ينسه ما يلقى من التهابه ... أن يحمد الله على شرابه.
حتى إذا أعيا، انقضى نهاره ... وأرخيت من ليله أستاره،
تحركت في جنحه دواهي ...... سارية، وأنت عنها لاهي.
من عقرب يسعى كسعي اللص ... سلاحها في إثره كالشص.
وحية تنفث سما قاتلا ....... ...تزود الملسوع حتفا عاجلا.
تبصر ما بجلدها من الرقش ... كوجنة مصفرة فيها نمش.
لو نهشت بالناب منها الخضرا، ... لنثرت منه الحياة نثرا.
فلا تقل إن جاء يوماً أهلا ... فلعنة الله عليه فصلا...........ابن الوكيع